الجنس الثالث
في الأسبوع الماضي لفتت نظري في أحد المراكز التجارية مجموعة من الشباب، وهم يضعون أحمر الشفاه والبودرة على وجوههم ويتشبهون في حركاتهم ولبسهم بالنساء، ومجموعة أخرى من الفتيات وهن يتشبهن في حركاتهن ولبسهن بالذكور. هذه الصورة بكل ما فيها من تفاصيل ومعانٍ ودلالات، جعلتني أشعر بالقلق من تنامي ظاهرة الجنس الثالث في مجتمعنا، حيث أصبح هذا المرض السيئ يشكل ظاهرة خطيرة تمثل تهديداً صريحاً للكيان الاجتماعي. فلم يعد غريباً اليوم، ونحن في الشارع أو في السوق، أن نرى شاباً يمارس حركات نسائية وشابات مسترجلات. والأخطر أن الأمر وصل أيضاً إلى المدارس والجامعات والكليات. وهذا ما يجب أن ننتبه إليه قبل أن يستفحل الخطر، لأن هذا "العفن الأخلاقي" المخالف للفطرة الإنسانية، من شأنه أن يفتح الباب لإشاعة الانحلال في المجتمع.
وقد حذرنا الله تعالى في كتابه الكريم من خطورة انتشار مثل هذه الظاهرة في مجتمعاتنا لأنها خطر علينا وعلى الأمة بأكملها، حيث يقول: "فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون". كما يقول أيضاً: "ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً". وفي الأثر النبوي الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال. وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط".
قد تختلف ظروف تنامي هذه الظاهرة في مجتمعاتنا وتتنوع مسبباتها، لكن أغلب الدراسات ترجعها لأسباب أهمها:
خلل في الهرمونات الذكورية أو الأنثوية يتبعه إهمال في معالجة الحالة، وغياب الوازع الديني، وتقليد الولد الذي ينشأ في بيت به نساء وبنات صفات البنات، إضافة لدور التعليم المختلط، وكذلك مصادقة الجنس الثالث نفسه، علاوة على التأثير الذي تحدثه الأفلام والمسلسلات والمسرحيات التي تروج لهذه الظاهرة.
إن أكثر ما أخشاه هو أن يصبح هناك قبول اجتماعي لهذه الظاهرة، وبذلك تتحول تدريجياً إلى مشكلة يصعب علاجها ويزداد خطرها، والأهم أن تطالها اليد الخارجية خاصة بعد أن حدثت هناك مطالبات في إحدى الدول الخليجية لتأسيس جمعية خاصة بالجنس الثالث، وهذه حقيقة تؤكدها الممارسات والضغوط التي تقوم بها بعض المؤسسات والمنظمات الخارجية المشبوهة لإعطاء الجنس الثالث حرية ممارسة نشاطه المنحرف. ووفقاً لما ذكرته العديد من الصحف قبل فترة، فقد مارست الولايات المتحدة الأميركية ضغوطاً قوية لحجب معلومات مهمة من الموسوعات والأدلة الطبية التي تشرح مخاطر الشذوذ الجنسي وكيفية التصدي له، وذلك في الطبعات التي يتم تصديرها لمصر ودول الشرق الأوسط. وحتى لا نذهب بعيداً فإن "فرويد" زعيم مدرسة اللذة قالها صراحة: "إن أمنيتنا وهدفنا هو تنظيم جماعة من الناس يكونون أحراراً جنسياً كما نريد".
ومن المؤكد أن ثمة حاجة ماسة لدراسة هذه الظاهرة دراسة علمية دقيقة تحدد لنا حجم انتشارها ومدى خطورتها على المجتمع، كما يتحتم على رجال الدين والأطباء والمختصين في علم النفس والاجتماع والتربية والأمن، إيجاد الحلول المناسبة لمعالجة هذه الظاهرة والتصدي لها والوقاية منها علاوة على الحاجة إلى نشر الوعي الثقافي المضاد لهذه الظاهرة في المجتمع، وإلى وجود مركز قومي يختص بدراسة الظواهر الاجتماعية التي تقلق أمن المجتمع وانسجامه.